2024/04/18 -
أيام على النشر

عندما تتحول الرواية إلى فيلم سينمائي الكلمات أقوى من الصورة في عالم الأدب.. لكن لا غنى عن الشاشة!

عندما تتحول الرواية إلى فيلم سينمائي

الكلمات أقوى من الصورة في عالم الأدب.. لكن لا غنى عن الشاشة! 

تحقيق:محمد قاسم الساس

تحول الإبداع الأدبي الروائي إلى أعمال سينمائية ظاهرة مستمرة في التزايد، خاصة في الآونة الأخيرة، وأصبحت حاضرة بشكلٍ سنوي، بعد أن ظلت العلاقة بين الدراما والأدب فاترة لفترة طويلة، حيث أثبتت الرواية العربية مكانتها في العالم في الـ100 سنة التي مضت، وألهمت السينما. كما ان عدد من كتّاب الروايات ألهموا مخرجي الأفلام السينمائية، فاستندوا هؤلاء إلى رواياتهم ليقدموا أفلاماً تركت بصمتها في تاريخ السينما.

 

جدلٌ كبيرٌ يدور دائماً بين محبّي القراءة وعشّاق السينما، حول الأعمال الروائيّة التي يتمّ تحويلها إلى أفلام سينمائية. فالطرف الأوّل، أي محبو القراءة مؤمنون بأنّ الرواية تسمح عبر صفحاتها بالمزيد والمزيد من التفاصيل، ما يعطي الحبكة قدراً أكبر من الإمتاع، كما أنّ الرواية على صورتها المكتوبة، تمنح الخيال فرصةً لأن يسبح مُتخيّلاً شخصيّاتها ومسارح الأحداث فيها. فهناك اقتناعٌ كبير لديهم أن الروايات إذا جُسدت على الشاشة سوف تفقد سحرها، فدائماً ما يكون سرد الكاتب للأحداث، هو أكثر متعة، حيث يطلق الكاتب العنان لمخيلة القارئ ليتخيل الأحداث بشكل أكثر ابداعاً، وأعلى تحليقاً من سماء الشاشة.

أمّا الطرف الثاني أي أنصار السنيما فيردّون، بأنّ الأفلام تساعد المشاهد على الإندماج مع الأحداث، وأنّ ما يحدث في عمليّة صناعة الفيلم، من تفاصيل تتعلّق بالمؤثرات والإضاءة والموسيقى وغيرها، يخدم الرواية، ويجعلها أقرب للمتلقّي، خاصة بعض الأفلام حققت نجاحاً كبيراً مماثلاً لتلك الروايات المقتبسة عنها، وربما فاقتها شهرة.

وعند تحويل الروايات التي حققت أعظم النجاحات، إلى أفلام سينمائية ينجح القليل منها، فقط إذا بقية مُتمسِكةً بالنص الأصلي للقصة والشخصيات، ولا تفقد روعة وجمال الرواية. بينما يفشل الكثير منها، ولا ينجح في إرضاء الجمهور.

ولا يستطيع القارئ الذي أراد الوصول إلى روحية الرواية، عبر هذه الأفلام التي تخرج عن النص الأصلي للرواية، وتفشل في نقل الرسالة العامة من الكِتاب الى المشاهدين.

وعلى الرغم من كون كثير من منتجي الأعمال السينمائية يحاولون الاتكاء على نجاح العمل الروائي، وانتقاء بعض الروايات التي حصدت نسب قراءة عالية، فإن ذلك لا يعني في كثير من الأحيان ملاءمة النص الروائي لأجواء السينما، وهذه إشكالية أخرى تدفع للسؤال: لماذا يتم اختيار رواية دون أخرى؟ وهل هناك رواية تصلح للتمثيل السينمائي ولا تصلح رواية ثانية؟

 

والإشكالية الأكبر عندما يكون الروائي نفسه غير راضٍ عن الصورة التي ظهر عليها عمله، بعد أن أصبح منتجاً مصوّراً، فلا القراء تقبلوا الأمر ولا الروائي نفسه، مما يجعل الفائدة تصب في صالح الربح التجاري لشركات الانتاج السينمائي في معظم الأحيان، وهو ما قد يصيب العمل الروائي في مقتل. وهذا ما حصل مع فيلم (الحب في زمن الكوليرا)، والمأخوذ عن رواية الاديب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز التي تحمل الاسم نفسه، واخرجه مايك نوبل، حيث تعرض الفيلم لانتقادات واسعة من النقاد والاعلام. ووصف بأنه فيلم "منافس جدي على لقب أسوأ فيلم صنع من رواية على الاطلاق".

إلا أن ذلك لا يعني إغفال الروايات التي حققت نجاحاً باهراً حين تحولت إلى أعمال سينمائية، مما أضاف إلى نجاح الرواية ذاتها. وهذا ما حصل مع مع فيلم (المريض الانجليزي) المأخوذة عن رواية مايكل اونداتجي التي تحمل الاسم نفسه، واخرجه انتوني منغيلا. ونال الفيلم اشادات من النقاد والاعلام. وفاز بجوائز عدة.

 

ظل ماركيز يرفض فكرة تحويل «مئة عام من العزلة» إلى فيلم سينمائي، رغم العرض الذي قدمه له أنطوني كوين -عرض عليه مليون دولار آنذاك- وكان مبرر رفضه: «لأنني لا أريد أن أجد الكولونيل أورليانو وقد تحول إلى صورة لأنطوني كوين على أغلفة الرواية»، ولكن ذلك ظل أمر مؤقت وحسب، فماركيز خضع للإغراء المادي، ولعل فيلم "الحب في زمن الكوليرا" من أكثر المشاريع رداءة، عندما تحولت الى فيلم، رغم أن صوت "شاكيرا" رافق الموسيقى التصويرية للفيلم". إن الأمثلة لا تكاد تحصى على فشل السينما في نقل روعة أو فرادة النص الروائي، رغم أن تاريخ شهد أفلاماً ناجحة بكل المقاييس نُقلت عن الروايات، مثل: ذهب مع الريح والمريض الانكليزي ورواية "العطر"، حيث فشلت السينما بتسريب رائحة العطر، نعم يمكن القول إن الكلمات أقوى من الصورة في عالم الأدب، لكن، لاغنى عن الشاشة فذلك يؤمن انتشاراً يتوق له الكاتب ويطلبه، لأنه بذلك يجذب فئات مختلفة من القرّاء.

وأخيراً يمكننا القول بأن بعضنا يحبذ قراءة الرواية والانتقال المباشر بين صفحات الكتب، وبعضنا الآخر يفضل مشاهدة الأفلام والمسلسلات لتمرير الوقت. ليبقى أمامنا خياران إما القراءة أو المشاهدة، ولا بأس إن كان كلاهما معاً.

مواضيع ذات صلة

أدب وثقافة

السيرة الذاتية للكاتب الإعلامي سعدالله بركات

ما بين الإذاعة والتلفزيون ، 37 عاما ويزيد ، كانت سنوات عمل وحياة ماتعة ، وقد تمازجت مع الكتابة الصحفية امتدادا بعد التقاعد ، لتجربتي على تواضعها

أيام على النشر

أدب وثقافة

أوراق سعدالله: نفحات وجدانية ..ومصداقية بوح بقلم الدكتورة الشاعرة مها قربي

قرأت أوراق " وجع سعدالله" فإذا بها نفحات وجدانية مرسلة " وبذلك وصفها أيضا د. جورج جبور في تقديمه للكتاب ص 7 " قلّبتها

أيام على النشر

أدب وثقافة

من ضفاف النيل: لعيني دمشق يغنّي الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد

لعيني دمشق أغني لعيني دمشق حنيني القديم بعمر الدهور بصدري يقيم

أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر

تابع أحدث التحديثات

احصل على نسختك الجديدة من المجلة
فقط قم باضافة البريد الالكتروني الخاص بك