2024/04/20 -
أيام على النشر

وحدن بيبقوا متل زهر البيلسان أم الشهيد.. أم غير عادية

أمهات الشهداء رياحين تسقين قبور أبنائهن بالدموع، الدموع لا هي أمطار موسمية ولا هي عواصف تمر كما الكرام، هي انحناءات قلوبهن أمام شغف أمل باللقاء، حيث يفصل بينها وبين ابنها الشهيد حفنة من تراب، وسديم من غياب أو سراب.
يتساءل البعض بدهشة، «أيهما أصعب حالاً، الأم التي فقدت طفلاً، أَم شاباً!!؟....».
ما هو المهم في هذا السؤال!؟، فتلك التي فقدت ابناً.. فقدت من كبدها، فإن هو شاب فقد كان يوماً طفلاً عايشت كل لمساته للحياة، وحملت عنه كل أحلامه لتربيها معه. وإنْ هو طفل فهي اليوم لا تحمل سوى دميته وبعضا من أحلامه التي تَبخَّر جزءٌ كبير منها مع دمه الذي لوَّن في وجهها كل الطرقات التي ستسلك، وها هي تحمل صورةً في مخيلتها رسمتها له عندما يشبُّ، أم الشهيد اليوم لن تنظر إلى من مثلها حالاً من أي طائفة هي ولا من أي انتماء سياسي ولا من أي طرف، فالطائفة الوحيدة التي باتت تجمعهن اليوم هي طائفة الشهادة، وانتماؤهن الوحيد هو الخسارة والقهر والفجيعة والألم، والطرف الوحيد اليوم لهن هو الامهات الثكالى، لكن ثمة وطن يعزيهم.
أم الشهيد لم تعد أماً عادية، ولا يغريها كثيرا أن تسمع إطراءً من أحد فما خسرته لن يعوضَه بالنسبة لها شيء، ولا يمكن أن تَجدَ سبيلاً يخفف عنها سوى أن تزور قبر ابنها كل صباح، وتخاطبه عن أشواقها.. تخاطبه، عن عرسه الذي لم يتم، عن اطفاله الذين كانت تحلم بأن يملؤوا بأصواتهم كل زوايا بيتها الذي نبتَ فيه حلمٌ وأُقتُلع فجأة..، اليوم ستتبدل الصورة فبعد أن كان يجلب الورود لها أصبحت هي من تهديه وردة أمومتها وانتظارها له لتلتقيه مساء كل حلم، تحضن وسادته، تستنشق عنها دموعها لتشعرَ بدفءِ حنانهِ، فتتمزق أمام نوافذ غربتها عن مكانه الذي هو فيه دونها.
 لم يعد الأمر مستغربا، فالأمهات اليوم - أمهات الشهداء -  ستلتقين لتواسين جراحاً لن تندمل حتى وإن انتهت الحرب.. الحرب الشعواء التي التهمت كل حلم لديها، وهدمت تلك الغرفة التي بنتها أمٌّ لابنها ولم يسكنها.. فأصبحت مهجورةً من كل فرح.. الفرح الذي غاب عن سورية وعن أمهاتها الى أن تندملَ الحياةُ كما ينظرن الآن إلى الحياة...
لكن ثمة وطن يجمعها بفخر ما قدّمت تلك الام، فما يعنيه قربانها للوطن أكبر بكثير من كل الوصف الذي، وكانت اللقاءات بأمهات الشهداء، تحمل قدرا من الجمل التي عبرت بها أكبر بكثير مما يتخيله أحد، دموعها وفية لابنها وللأرض التي استشهد لأجلها.
أمهات سورية وفلسطين ولبنان.. وكل أمهات الشهداء.. اليوم لن يستطيع أحد أن «يزاود» عليكنَّ بحرفٍ واحد.. ولا أن يتملًّق أمامكنَّ ولو بقصيدة من معلقات الجنة.. أمهات سورية، ليس فقط الشهداء وإنما أيضا المفقودين والمرابطين على الجبهات.. لكنَّ الخلود وحدكنْ.

مواضيع ذات صلة

أدب وثقافة

السيرة الذاتية للكاتب الإعلامي سعدالله بركات

ما بين الإذاعة والتلفزيون ، 37 عاما ويزيد ، كانت سنوات عمل وحياة ماتعة ، وقد تمازجت مع الكتابة الصحفية امتدادا بعد التقاعد ، لتجربتي على تواضعها

أيام على النشر

أدب وثقافة

أوراق سعدالله: نفحات وجدانية ..ومصداقية بوح بقلم الدكتورة الشاعرة مها قربي

قرأت أوراق " وجع سعدالله" فإذا بها نفحات وجدانية مرسلة " وبذلك وصفها أيضا د. جورج جبور في تقديمه للكتاب ص 7 " قلّبتها

أيام على النشر

أدب وثقافة

من ضفاف النيل: لعيني دمشق يغنّي الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد

لعيني دمشق أغني لعيني دمشق حنيني القديم بعمر الدهور بصدري يقيم

أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر

تابع أحدث التحديثات

احصل على نسختك الجديدة من المجلة
فقط قم باضافة البريد الالكتروني الخاص بك