2024/05/02 -
أيام على النشر

في ذكراه العاشرة مازن يوسف صباغ …وثّق تاريخ سورية ورحل …بقلم الإعلامي سعدالله بركات

كيف لمن من نذر نفسه للفكر والبحث ، توثيقا وتاريخا  وذكرى ، ألاّ يتذكّر! وإن مرّت سنون عشر على رحيله ، ففي 4 حزيران 2013 ، أفل نجم الذاكرة السورية ،  مازن يوسف صباغ ، وقلبه مجروح على سورية ، رحل ،،أبو يوسف ،، في عزّعطائه ، بعدما أفنى عقود عمره الستة ، منقّبا  مستقصيا في بطون المراجع ، ورفوف المكتبات و قديم الوثائق ، ليهدي أجيال الوطن أكثر من 40 كتابا  توثيقيّا [ ثمة من قال العدد 400]  لمراحل نهوض الدولة السورية وتطورها على مدى قرن من الزمان أو يزيد ، بل قل مجلدات باتت مرجعية ميسّرة للباحثين وطلبة العلم  والناشئة بشكل عام .

بناء سورية ،  عنوان تنطوي في إطاره  جميع  مؤلفاته ، لكنّه خصّ به كتابا ،، البناء السوري - وحدة التنوع والتعدّد ،، [دار الشرق 2009] .. وقد استعان صباغ   بوثائق التاريخ من العهدة العمرية إلى سرجون ، بما تنطوي عليها من دلالات ألقة عن العلاقة الحقيقية التي ربطت المسيحيين بالمسلمين في سورية  ولا تزال تراه يوضح :

((لقد تشكلت المسيحية السورية بحكم الخصوصية التاريخية والاجتماعية التي تمثلها سورية، طبيعة البيئة وطبيعة التراث، وحتى الجغرافية، كل ذلك شكل نسيجاً ثقافياً خاصاً للإنسان السوري وكان من الطبيعي أن ينعكس على تلك الرسالة الروحية السامية التي تحمل طابعاً سورياً بامتياز من حيث التكوين والنشوء)).

وهو يرى أن: ((..انحياز المسيحيين السوريين إلى الفاتحين العرب يؤسس لموقف تاريخي وهوية متجذرة في تربة هذا الشرق تستمد أصالتها من شجرة العروبة وارفة الظلال)) قبل ان ينوّه بأنّ (( المقدسات المسيحية تلقى كل رعاية واحترام …..فكما ذكر عن الخليفة هشام بن عبد الملك أنه أعاد بناء كنيسة سورية هدمها الزلزال، كانت كنيستا (القيامة) في القدس و(المهد) في بيت لحم تلقيان كل الاحترام والتقدير في الأوساط العربية الإسلامية طوال قرون..))

وحسب د. حسين راغب، يورد د. صبّاغ في كتابه هذا : (( حقيقة تاريخية، قد تكون غائبة عن أذهان الكثير، …حقيقة نمت .. وأزهرت في ربوع هذه البلاد: "فالمسيحية سورية عربية.. والإسلام عربي، والتسامح هو العنوان العظيم للحضارة العربية،…… وهي  ساهمت في تعميق التآخي الديني في سورية ذاتها. وعلينا إبراز هذه الصورة الوضّاءة لسورية أمام الرأي العام العالمي ))

 

لكن أبو يوسف ، وزّع  جهده  ليواكب هذا،، البناء السوري ،،من البدايات ،،المؤتمر السوري - برلمان الاستقلال ( لبلاد الشام ) [ دار الشرق 2011] ليبرزه كأول تجربة برلمانية في الشرق الأوسط  ، ولتتوالى ثمار جهده في توثيق سجل الحكومات والبرلمانات بل والدساتير السورية منذعام 1919 وحتى قبيل وفاته ، حين أفرد مؤلفا خاصا بدستور 2012   ، وكذلك الانقلابات العسكرية الأربعة ،فدولة الوحدة ، شخصيات عربية وعالمية ،، عمر المختار ، البابا شنودة ، إدوارد سعيد ، جورج حبش ، نهرو، مانديلا وغاندي  ، ومن عمالقة الأدب نجيب محفوظ، سعيد عقل، يوسف الخطيب، دوستويفسكي، عمر الخيام، محمد إقبال، غابرييل غارسيا ماركيز.. وغيرهم. وفي مجال الفن له دراسات عن محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش.. وغيرهما

 وهو بذلك يتبوأ الريادة في هذا المجال الدقيق والهام ، بشهادة من واكب ما وثّق من  مراحل سياسية حساسة  ،  ولفتهم باهتمام ما أعدّ من مؤلفات .. أغنت المكتبة الثقافية والتوثيقية بشكل خاص ، حيث لبت  فضول القارئ المتعطش للثقافة الجادة، والمعرفة الصحيحة…

ومؤلفات د. صباغ  حسب  الكاتب مرهف زينو :((تتضافر مع بعضها .لتكوّن فسيفساء معرفياً تجتمع فيه الفكرة والحدث والشخصية- سياسية كانت أم أدبية، دينية أم فنية..بحرص ومسؤولية  معتمداً على أهم سمات الكاتب-الباحث والموثّق، أي الدقة، الشمولية ….، الحيادية.. لغة بسيطة سلسة بعيدة عن التهويم والتكلف من شأنها أن تقرّب المسافة بين القارئ وموضوعه.)).

د. محمد منير الشويكي الحسيني(*)الأمين العام للاتحاد العالمي لنقابات الأشراف يقول :

((يتحلى المؤرخ د.مازن  صبّاغ، بمزية الباحث المنصف للأمور، الذي يمنحه مقوّمات البحث العلمي الصحيح من التسرع في إطلاق الأحكام، فهو يعرض الحقائق والأفكار من وجهة نظره عرضاً لا تعصّب فيه……، وإنما فيه الغيرة الصادقة على الشأن العام وعلى الموضوع ذاته، من أجل كشف حقيقته، وإبراز ما فيه من روعة وجمال وقوة وانسجام وتناغم، وصولاً إلى الجوهر)).

د.جورج جبور(*) ، ثمّن جهد الباحث  صباغ .. في توثيق التاريخ  السوري، ورأى ((عمله الدؤوب .. مفيداً لكل السوريين في نشر ثقافة المواطنية .، عن طريق التعريف بتاريخ الدولة السورية )).

د. هشام الأعور - لبنان (*) توقّف عند حرص الكاتب صباغ على  :(( قناعاته  أو اختياراته التي لم  يتنكّر لها….،كان صاحب فكر، ولم يكن  يوما مهادنا ولا مراوغا، فهو حرص على أن يقول ما ينبغي أن يقال، … وبنفس رؤيته النقدية التي لم يتنازل عنها، رغم ما تعرض له من مشاكل )). ربّما صراحته المعهودة ،  ورأيه المباشر ، لم  يعجبا من يناور ، لكنّه على جديّته ، تمتع بحضورمحبّب ظريف ، ولعل كتابه ،،مع الناس ،، دلالة على احترام الآخرين  

فمن  مضافة والده  التي كانت ملتقىً لوجهاء المنطقة، وشاهدةً على نقاشاتهم الحامية ، وفيها تفتَّحت مداركه على نسيج اجتماعي فريد، يضمّ أطيافاً  من البشر.

وغداة رحيله  جاءت مشاعر أ.الأعور مختزلة مشاعر محبيّه وبلسانهم: (( فقدنا رفقته وضحكته وصداقته، ….، وحرارة لقاءاته، ..رفيق درب محب ومخلص لجيل بعد جيل من المثقفين  والصحفيين ،  …كان صباغ -رحمه الله-  رجلا مهابا ونموذجاً في خلقه واحترامه للغير، وأباً حنوناً على من كان يعمل معه ، لم يكن متخاذلاً أمام ما يراه حقا ..، بل صلباً وقوياً ومدافعاً ..عن حقوق الآخرين)) ، وكاتب السطورمدين له جميل موقف منه  لاينسى .

د. حسن راغب * اعتبره رائد مدرسة التوثيق السوري  وقال له :(( مكانة متميزة في عالم التوثيق الأمين للوطن … لا يصل إليها إلا من نذر عمره ، لهذه المهمة  الجليلة الأهمية في هذا الزمان بالذات, ويكفيه فخراً مشروعاً …، أن يكون واضع اللبنة الأولى في مدرسة التوثيق السوري، الذي أطلقه .. في سماء الحياة السورية.., وفي الوطن العربي بصورة عامة )).

وفي حفل توقيع كتب ،،محطات صحفية خاطب أ. وئام وهاب الكاتب  صباغ  قائلا:(( “في انحناءات الزمن، يهدأ القرطاس تحت وطأة التدوين، وفي زمن المتغيرات، تنتصب الرؤى في الخواطر، وتذهب الى البعيد في أعماق الوطن، تفتش عن الذاكرة، في محطات التاريخ….، فتزهر المكتبات، بعبق المضامين المؤرخة للحقائق..)).

الأديب خليل صويلح ، وصفه ب (( الباحث عن بلاده في أرشيف الأمم ، راح يجمع وثائق نادرة ومجهولة من مراكز التوثيق في القاهرة وبيروت وباريس، إضافةً إلى الصحف السورية القديمة..،  واتخذ موقع المؤرخ المحايد من دون أن يتدخّل في مجرى الأحداث، مكتفياً بمقدمات مختزلة تضيء وقائع الحراك السياسي في جغرافيا مهتزّة، بقصد إنعاش الذاكرة الوطنية، خصوصاً لدى الجيل الشاب، ذلك أن معظمهم  كما يقول الصباغ «يجهل المحطات المفصلية في تاريخ بلاده، والصراع على سوريا، ومحاولات تزوير وتشويه الحقائق التاريخية » .

وتتسم  مؤلفات د. مازن  با ستحضارها لأغلب  تفاصيل المراحل والأحداث ،  مطعمة بالأسماء والخطابات  مع ملاحق ومراجع ونبذ مختصرة وصور أرشيفية ، وحسب د. نبيل طعمة صاحب دار الشرق التي أصدرت عددا من كتبه ، فقد ((اختار  المهمة  و اختطها متابعاً بجد وتفان التوثيق ، وتسجيل قصة سوريا المعاصرة )).

محمد عزوز كتب في ،، نفحات القلم ،،4\6\2017 : ((يسجل للباحث د. مازن صباغ أنه يمتلك قدرة استثنائية على اختيار الموضوعات، في إطار زمني مرحلي ينتمي إلى الماضي ويخلص للمستقبل، ذلك أن مجمل ما وثقه الباحث منفتح على الزمن، ويشكل إرثاً لأجيال الباحثين عن الحقيقة التاريخية في سياق بنائي يظهر فاعلية الماضي بالراهن والآتي)).

 

يتحدّر الراحل من أسرة عريقة من سلالات بني تغلب ، لها باعها في السياسة  والشأن العام ،

وأبو يوسف كنّي باسم أبيه ، الذي تشرّب الثقافة الليبرالية والحسّ العروبي معاً ،وهو من أسس غرفة زراعة الحسكة، في أربعينيات القرن المنصرم، وأسهم في زراعة القطن، وجدّ الراحل لأمه ،، سعيد اسحق،،  تبوأ منصب  رئاسة  مجلس النواب   فرئاسة الجمهورية بحكم الدستور (2-3 /12/ 1951)،  وأخوه المرحوم مكرم رأس غرفة تجارة الحسكة  ، ومثل أخويه المرحوم مروان الذي شغل منصب نائب نقيب المحامين ، وأ.المحامي  حمودة رئيس مجلس الشعب ، نال هو كذلك إجازة في الحقوق ، و إجازة في العلوم السياسية  ، ثم  دكتوراه دولة في العلوم السياسية و الديبلوماسية ، وتدرّج في المهام ، مدير ثقافة الحسكة ، عضو مجلس الشعب ، مدير مؤسسة الإعلان، مدير مؤسسة المطبوعات، وكان عضوا في (المجلس الوطني للإعلام  ،اتحاد الصحفيين ، رابطة الحقوقيين ، اتحاد المؤرخين العرب ، و نائب رئيس اتحاد الناشرين) .

وفي سجله ، أوسمة وشهادات ودروعاً وميداليات  من مؤسسات رسمية وفكرية ،محلية وعربية ، منها ، وسام الاستحقاق اللبناني  ،قلادة بلاد الرافدين ، وسام الصداقة من  الحزب السوري القومي الاجتماعي(*)  ، لجهوده في توثيق ورصد  نبض الحياة السورية، في مختلف  المجالات 

يرحل الأحبة ويبقى الحزن خالدا في نفوس الأحياء ،  وكما نعاه د. إسماعيل مروة :

((مازن صباغ وثّق تاريخ سورية الحديث ورحل )).

 

ومن كتبه ماتناول توثيق علاقات سورية مع بعض الدول الصديقة :

* كتاب العرب وإيران نداء التاريخ والحضارة.

* كتاب سورية وإسبانيا.

* كتاب دمشق ـ أنقرة ـ استنبول ـ حلب.

* كتاب دمشق ـ بكين ـ إحياء طريق الحرير.

* كتاب موسكو ـ دمشق.

* كتاب رجال رحلوا ( شخصيات عالمية ) تركت بصمتها إيجابا في التاريخ

 

هوامش ومصادر 

==========

 

د. شويكي + د. راغب- محطة أخبار سورية 8\2\2011+18/04/2011

 

مجلة الأزمنة 23\9\2010

 

د. جبور- موقعه الألكتروني 20\10\2012 

 

تكريم حزبي - موقع تحت المجهر الاغترابي 28\9\2011

 

أ.وهاب+د. الأعور - موقع حزب التوحيد العربي 23\12\2009

 

                 + 5\6\2013+ 06/06/2016

 

أ.صويلح جريدة الأخبار اللبنانية 4\3\2012

 

د. طعمة + د. مروة - مجلة الأزمنة 8 \3\2011+ 5\6\2013

 

أ. عزوز موقع،، نفحات القلم ،، 4\6\2017

 

أ. مرهف زينو ،، ملحق الثورة الثقافي ،، 11\6\2013

مواضيع ذات صلة

أدب وثقافة

السيرة الذاتية للكاتب الإعلامي سعدالله بركات

ما بين الإذاعة والتلفزيون ، 37 عاما ويزيد ، كانت سنوات عمل وحياة ماتعة ، وقد تمازجت مع الكتابة الصحفية امتدادا بعد التقاعد ، لتجربتي على تواضعها

أيام على النشر

أدب وثقافة

أوراق سعدالله: نفحات وجدانية ..ومصداقية بوح بقلم الدكتورة الشاعرة مها قربي

قرأت أوراق " وجع سعدالله" فإذا بها نفحات وجدانية مرسلة " وبذلك وصفها أيضا د. جورج جبور في تقديمه للكتاب ص 7 " قلّبتها

أيام على النشر

أدب وثقافة

من ضفاف النيل: لعيني دمشق يغنّي الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد

لعيني دمشق أغني لعيني دمشق حنيني القديم بعمر الدهور بصدري يقيم

أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر

تابع أحدث التحديثات

احصل على نسختك الجديدة من المجلة
فقط قم باضافة البريد الالكتروني الخاص بك