توأم الصحافة والإبداع كوثر دحدل ..مثالا
بقلم سعد الله بركات..
أن تكون صحفيا حقيقيا ، فهمك ليس فرديا وحسب، وإنما معجون بهموم الناس ، وأن تكون أديبا مبدعا ، فطموحك مركب من طموحاتهم ، أما أن تجمع بين الصحافة والإبداع الشعري ، فذاك يضاعف مهمتك ، ويلقي على منكبيك مسؤوليات جسام جسام…..
لكنها ازدواجية محببة بين مهنة وهواية لا يستطيعهما أي إنسان ، المهنة هنا ترفد الشاعر بمعطيات ومؤشرات لآفاق وأعماق ، أما الموهبة الشعرية ، فتراها فسحة راحة تارة ، أومحرضة على أفكار أو سبل المقاربة ، وبلغة صافية من صفاء النفس الشاعرية ..،على نحو ما كان عبقري الصحافة والأدب حنا مينا .
الأدب والصحافة توأمان بحسب عبد الغني العطري ، [أديب الصحفيين وصحفي الأدباء] كما وسمه د.غسان الكلاس في عنوان لكتاب عنه ، وقد اختط نهجه ، كما ممدوح عدوان ، توفيق أحمد ، ياسر اسماعيل ، وليد رباح ، أحمد بهاء الدين ، عبد القادر المازني وأنسي الحاج …
يرى الصحفي المصري محمد زكى عبد القادر، أن "الصحفي هو عين القارئ على العالم، والأديب هو عين نفسه..... غاية النجاح للصحفى أن يسبق الحوادث ، وغاية النجاح للأديب ألا تفوته دلالتها"، والصحافة مدرسة حياة كما يرى الروائي عبده جبير :((الصحافة علمتنى …وضعتنى فى معترك الحياة وأثرت تجربتى الإبداعية ..)) .
الأديبة والصحافية ابتسام عازم تقول: ((أما الأدب فساعدني فيما يخصّ الصحافة بتأطير النصّ بشكل جذاب ، وككاتبة في المجال الإبداعي والروائي، تعلّمت أنْ استمع وأهتم بالتفاصيل الصغيرة إن أردت الاقتراب من الأشخاص )).
من يقرأ أشعار الزميلة كوثر دحدل ، يتلمس مزاوجة راقية بين قلم يغرف من واقع الناس ، محرضا على تحسينه ، وبين قلم مبدع يحلق في فضاء إنساني :
كنا نعرفها زميلة مهنة متاعب ، نشيطة في زمن المصاعب ، ناشطة وطموحة نقابيا ، وهي تتبنى هموم وآمال زملائها وزميلاتها بحماس ، بل بجرأة العارف والمتمكن ، ولذا فقد اختاروها ثانية لمهمة نقابية مجهدة ،[نائبة رئيس فرع دمشق لاتحاد الصحفيين] ، وإذا بها كوثر من شعر، وعطاء إبداعي ومهني …
هاهي الزميلة كوثر دحدل ، تقدم نفسها بجدارة ، عبر صفحات ومواقع وملتقيات عدة ، شاعرة متمكنة من لغة الشعر والمشاعر ، لغة محمولة على إحساس رقيق ، وهي تتلمس مشاعر الناس، وقد ضرب الفراق إسفينه بين أسر وأحبة :
فاجأتنا كوثر أيضا ، أنها ليست حديثة الموهبة ، بل منذ الصغر ، أحست بما يدفعها إلى صوغ أفكارها على وقع دلالي خاص ، وعاما بعد عام ، راحت موهبتها تنمو وتتفتح ، أزاهير شعر وموسيقى:
ما قيمة الإبداع إذا لم يكن للناس ، الإبداع الشعري تحديدا ،لا يتألق ويأخذ مداه ، إلا بين الجمهور سماعا وتذوقا أو قراءة وحوارا ، فيصقل ويغتني ، وإلا فهو كلام وترهات :
على لسان أصحاب ….المعجزات
لنادت من الأعماق …..أنقذوني من الترهات……
ومن آه على ثرثرات ، تلوذ كوثر أو تعود إلى آه حب مركبة للشام ،مرابع الصبا والعمل والذكريات :
بالحب آه يا دمشق. ..…بالحزن آه يا دمشق
دمشق يا أم المدائن …ياقصة زمان
مطبوعة بكتاب …محفورة بذكريات
فهلا تسارع شاعرتنا كوثر دحدل ، إلى نشر باكورة أعمالها ، لتتحف القراء بمجموعة من قصائدها ، تعويضا عن تأخر استثمرته في إغناء تجربة واعدة بالمزيد …، فهي اسم على مسمى بما يعنيه الكوثر من عذوبة وخير وفير ….