2023/06/10 -
أيام على النشر

أساليب خاطئة في التربية

أساليب خاطئة في التربية

في بعض الاحيان قد يخطىء الأهل في تربية أطفالهم من دون أن يشعروا بذلك!

د.غنى نجاتي: المبالغة بالدلال تجعل الطفل غير قادر على تحمل المسؤولية

د.غالية بغدادي: المراهق يحتاج إلى الدعم النفسي ليمر التغير بشكلٍ سليم تحقيق: محمد قاسم الساس تعتبر الأسرة المؤسسة التربوية الأولى التي يترعرع فيها الطفل ويفتح عينيه على العالم الخارجي، فهي أهم بيئة يكتسب منها الطفل لغته وآدابه وأنماط سلوكه الاجتماعي ونظامه العقائدي، ويتلقى فيها مبادئه الأساسية في الحياة.

فالأبوان هما حلقة الوصل بين الأبناء وثقافة المجتمع المحلي. ومن المؤكد أن تربية الأطفال تتطلب الكثير من الجهد والتعب من الوالدين، وخاصة من الأم التي تقضي معظم وقتها مع طفلها الذي يعمد منذ ولادته إلى تقليدها في كل ما تقوم به من أجل إتمام مهامه اليومية البسيطة والمعقّدة. لذلك تتطلب التربية الصحيحة للطفل أن ينشأ في ظروفٍ معينة يتوجب على الوالدين تأمينها له. وبحسب الدراسات السيكولوجية، يتم تشكل شخصية الطفل خلال الخمس سنوات الأولى من حياته، أي ضمن النسق الأسري.

لذا يعد من الضروري أن تلم الأسرة بالأساليب التربوية الصحية الصحيحة، التي تنمي شخصية الطفل وتسمح له بالنمو المعرفي والادراكي السليم، ليصبح إنساناً منتجاً وفاعلاً في مجتمعه، واثقاً من نفسه، مستعداً للتكيف مع كافة الظروف التي قد يواجهها مستقبلاً، ومتمكناً من قدراته الذاتية، متمتعاً بالهدوء العقلي والاتزان الانفعالي الذي سيجعله قادراً على بناء علاقات إنسانية إيجابية مع نفسه ومع المحيطين به.

ولكن في بعض الأحيان قد يخطئ الأهل في تربية أطفالهم من دون أن يشعروا بذلك.. فما هي أبرز الأخطاء الشائعة في التربية الحديثة للطفل؟ وكيف يمكن للأهل تجنّبها؟ مجلة زهرة السوسن التقت بالدكتورة "غنى نجاتي" اختصاصية في الصحة النفسية، والتي رأت أن أهم الأساليب الخاطئة التي يرتكبها الآباء في تربية أبنائهم، هي الإسراف في تدليل الطفل والإذعان لمطالبه مهما كانت. وهذا أكثر خطأ تربوي شائع ،حيث يظن بعض الأهل أن التراخي والتدليل الدائم والاهتمام المثالي بالطفل هو من أساليب التربية الحديثة.

ولكن في الحقيقة هو أمرٌ مضرٌ جداً بالنمو النفسي للطفل. فالمبالغة بالدلال والرعاية ستجعل الطفلغير قادر على تحمل المسؤولية، لأنه سيعتاد الاعتماد على غيره بكل مواقف حياته حتى البسيطة منها.

كما سيساهم بانخفاض عتبة تحمل الطفل لمواقف الفشل والإحباط، وسينهار أمام الحياة الواقعية، لأنها عتاد على تلبية جميع مطالبه وإشباعها بشكلٍ فوري، وبالتالي سينصدم الطفل عند مواجهته للمجتمع، كون أفراده لن يعاملوه الطريقة الملكية نفسها التي اعتادها داخل أسرته.

وأضافت أنه "من الأساليب التربوية الخاطئة أيضاً، الإسراف في القسوة والصرامة والشدة مع الطفل، وإنزال أشد العقوبات به وبصورةٍ مستمرة.

وحتى أحياناً يكون من دون تفسير أوشرح سبب العقوبة. وهذا برأيي الشخصي قمة الظلم النفسي، أن تعاقب ولا تدري عن أي ذنبٍ تعاقب عليه.

كما لا تقتصر العقوبة على الإيذاء والعنف الجسدي فقط بل تشمل أيضاً القمع النفسي، حيث يتم صد الطفل وزجره كلما أراد أن يعبر عن نفسه، و نجد أن بعض الأهل يصرخون بوجه أطفالهم ولا يرغبون بالحديث معهم ومحاورتهم. هذا الأمر قد يودي مستقبلاً بالطفل إلى الانطواء أو الانزواء أو الانسحاب في جميع معارك الحياة الاجتماعية، نتيجة لشعور الطفل بالنقص وعدم الثقة في نفسه". وتابعت أن "الإعجاب الزائد والدائم بالطفل، يعتبر من الأساليب التربوية الخاطئة، حيث تعبر الأسرة بصورةً مبالغٌ فيها عن إعجابها بطفلها ومدحه والمباهاة به، حتى عندما يخطئ ويسيء التصرف، وتهويل أفعال الطفل وتعظيمها بصورةٍ مستمرة تخلف عند الطفل نزعة الغرور المرضي والعناد النرجسي، وتجعله يشعر بثقةٍ زائفة بالنفس، وتجعله كثير المطالب وصعب الإرضاء، نتيجة تضخم الصورة الإدراكية لديه".

وأشارت إلى وجود أسلوب تربوي آخر خاطئ، يقوم على فرض الحماية الزائدة على الطفل، حيث يقوم أحد الوالدين أو كليهما بالقيام بجميع المسؤوليات الشخصية والاجتماعية والتعليمية التي يفترض أن يقوم بها الطفل وحده. مثل الإصرار على حل الأهل لواجبات الطفل المدرسية، أو عندما يتحدث الوالدان نيابة عن طفلهم عندما يوجه أحدهم أي سؤالٍ بسيط للطفل. وبالتالي سنجد شخصية الطفل ضعيفة وهشة وجدانياً، كونه لم يتعلم الاستقلال وتحمل المسؤولية في صغره ولا أن يعبر عن مكنوناته بنفسه".

ورأت الدكتورة نجاتي أن اختلاف وجهات نظر الوالدين في أسلوب التربية وعدم اعتمادهم واتفاقهم على منهجٍ واحد، يعدمن أحد الأساليب التربوية الخاطئة في تربية الطفل، كأن يؤمن الأب بتطبيق الصرامة والشدة وحدها وبشكلٍ مستمر، بينما تؤمن الأم بتطبيق اللين والدلال الدائم للطفل. وبالتالي قد ينشأ لدى الطفل اتجاهٌ سلبي لأحد الوالدين، ويشعر اتجاهه بالكره والنفور، بينما يميل وينحاز للطرف الآخر. وذكرت أن أفضل أسلوب تربوي لإنشاء طفلٍ سوي، هو إعطاؤه الحب غير المشروط من والديه، لأن ذلك سيجعل منه إنساناً عاقلاً مستقلاً منجزاً يتمتع بالهدوء العقلي والاتزان الانفعالي، ولا يخاف أن يعترف بأخطائه، بل ويعمل على إصلاحها من دون تردد، ويرغب بتطوير ذاته وتنميتها، ويفكر بطريقة إيجابية مثمرة في جميع مواقف حياته. ورأت الدكتورة "غالية بغدادي" اختصاصية ومدربة في التنمية البشرية، أن الخوف المبالغ فيه على الأطفال والرغبة في حمايتهم من أي شيء قد يصيبهم هي غريزة طبيعية في الوالدين، ولكن عندما يحاول الأهل بكل الطرق الممكنة إبعاد الطفل عن الاقتراب أو اللعب مع أقرانهم ومشاركتهم بالنشاطات المختلفة، تعد من الأخطاء التربوية الشائعة. وأضافت أنه من الضروري ترك مساحة للطفلكي يتمكن من تعلم مهاراتٍ جديدة، وتحمل المسؤولية، وعليه أن يتعلم من أخطائه كي يطور نفسه.

ونعلم أنه على كل طفلٍ تحمل عواقب أخطائه، وأنه لا يمكن السكوت على تكرار الأخطاء تحديداً، حيث يتوجب على الأهل فرض عقوبةٍ معينة لفترةٍ قصيرة جداً، حتى لايتعلم الطفل الكذب ليتجنب العقاب في المرة المقبلة التي يخطئ فيها. وتابعت أنه "في بعض الأحيان يترك الأهل مساحة ما لأطفالهم للتفاوض معهم. حينها عليكم الحفاظ على قراراتكم وعدم السماح لأطفالكم بتغييرها، حتى يدرك الطفل أنه مجبر على تحمل عواقب أخطائه، وأن يكون مسؤولاً عنها. وبالمقابل يجب الاثناء على الطفل عندما يتصرف بشكلٍ صحيح.

وهنا يتوجب على الوالدين التفريق بين التحدث بإيجابية عن سلوك أطفالهم وبين المدح الزائد لهم، كي لا يؤدي إلى نتائج مغايرة".

وأكدت أنه يجب الابتعاد عن التحدث بصوتٍ عالٍ مع الأطفال (والكبار)، والصراخ في وجههم. كون هذا التصرف يجعل العقل يتوقف عن فهم الكلام الذي يقال له. فمهما كانت النصائح أو الاعتراضات التي تقال أثناء محاولة تربية الأبناء مهمة وضرورية، إن كانت مصحوبة بالصراخ أو تقال بصوت عالٍ، لن يفهموها إطلاقاً". وذكرت أن هناك "خطأ شائعاً آخر يرتكبه الأهل في حق أبنائهم، ألا وهو التقليل من مشاعرهم والاستخفاف بها والضحك عليها. ابتعدوا تماماً عن التقليل من مشاعر أطفالكم سواء أكانت هذه المشاعر إيجابية أو سلبية، حتى لا يصبحوا شخصيات مترددة، تبحث دائماً عن أحدٍ يملي عليهم كيف يتصرفون، ويفسر لهم مايشعرون به". ولفتت إلى أن طمأنة الأطفال بشكل زائدٍ يعد أمراً سلبياً. مثل أن تنكسر لعبته أو أن يتسبب في مشكلة ما، فيحاول الأهل تصليح الأمر بالكامل، لأنكم بذلك تعلمون أطفالكم بأنهم ليسوا بحاجة إلى الشعور بالحزن أو الخوف أو حتى الصبر، لأنكم ستصلحون كل شيء بالنيابة عنهم. وقتها سيصبح الطفل عديم المسؤولية ولا يقدر تعب الأهل عندما يوفروا له جميع متطلباته حياته". وشددت الدكتورة بغدادي على مسألة في غاية الأهمية، ألا وهي عدم استيعاب التغير الهرموني الذي يحدث عند الطفل عندما يبلغ أشده.

عادةً ما يتوقع الآباء والأمهات أن أطفالهم قد أصبح لديهم قدرات أكثر مما يتحلون بها بالفعل عندما يكبرون قليلاً، فمثلاً عندما يظهر طفلك قدرات لغوية أو أن أسلوبه في التحدث يعبر عن بلوغ عقلي،لا تتوقع منه بالمقابل تصرفات راشدة كالرجل البالغ، فهو لم يصل إلى هذه المرحلة بعد، وأنه لا يزال طفلاً في طور النمو".

وأضافت: "عند حدوث تغير هرموني طبيعي عند الأطفال في سن المراهقة يجب على الأهل التقرب أكثر من أطفالهم ومناقشتهم بجميع الموضوعات المتعلقة بهذا التغير الفيزلوجي والنفسي بهدوءٍ وحب، وعدم التكلم معه بطريقةٍ سلبية محبطه، حيث يحتاج الطفل حينها إلى الدعم النفسي ومنحه الثقة كي يمر هذا التغير بشكلٍ طبيعيٍ سليم".

مواضيع ذات صلة
أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر

تابع أحدث التحديثات

احصل على نسختك الجديدة من المجلة
فقط قم باضافة البريد الالكتروني الخاص بك