كما هو متعارف عن مفهوم وثقافة التجميل أنها تعمل على ترميم عيوب الوجه وأجزاء الجسم الأخرى الناجمة عن التشوهات الخلقية، والحروق والرضوض والأمراض المختلفة فيلجأ المريض للجراحة التجميلة للإرتقاء بالمظهر بشكل عام، ولكن ما نلاحظه في يومنا هذا أن ما يتم إجرائه من قبل شباب كلا الجنسين أيضا هو لغايات تجميلية غير مرتبطة باستطباب طبي واضح بل على العكس تماما يكون هناك مغالاة في طلب التجميل دون وعي بمخاطره او عواقبه و هنا يكمن دور الطبيب بتوعية المريض لآثار جراحة التجميل وتأثيرها على الجسم واتخاذ القرار المناسب بإجرائها او عدمه لتجنب الآثار الجانبية لذلك العمل . وللحديث أكثر وضمن الملف الطبي الذي يتم متابعته، أجرت مجلة زهرة السوسن لقاء صحفيا خاصا مع الأخصائي في جراحة الوجه والفكين الدكتور مازن ادلبي.
حيث بين الدكتور ادلبي أن اختصاص جراحه الفم والفكين هو أحد التخصصات التي تتبع عالم طب الأسنان، ويضم الأن فيه 13 اختصاص في العالم، من ضمنها اختصاص جراحة الفم و الوجه والفكين و يشمل كل الأعمال الجراحية داخل الفم وخارجها.
وأكد ان منطقة الرأس والعنق يعمل بها أكثر من جراح، منهم" جراح العصبية والأذنية والفكين، وانتهاء بالجراحه العامة"، هذا ما يسمى بالتداخل بين الاختصاصات، بعض الأمور نكون قادرين كاختصاص جراحة الوجه والفكين أن نقوم بها لكن إذا أجراه طبيب مختص تكون أفضل.
واعتبر أن اختصاص جراحة الوجه والفكين هو اختصاص دقيق ، فكل مايجرى في داخل الفم من عمليات قلع سني جراحي بسيط او جراحي ، اضافة إلى عمليات الكيسات الفكية، وعمليات الأورام وجراحة التليفات والتضخمات والتشوهات والندبات الموجودة ضمن الفم والوجه ، جميعها تخضع لهذا الاختصاص.
أما بالنسبة لخارج الفم فقد أوضح أن المشاكل الموجودة خارج الفم نتيجة حوادث السير والانسجة الرخوة والصلبة التي تشمل شكل الوجه من العظام والعضلات ، والأوعية المغطية للوجه والفكين، التي تتبع للوجه بكتلتها الكاملة، و الآفات الرخوة ضمن العنق، وما نقصده بذلك، أن عملنا داخل الأوعية والجلد ضمن العنق، أما النسج الصلبة بالعنق والفقرات الرقبية تدخل ضمن الجراحه العصبية.
من ناحية أخرى أشار د. ادلبي إلى أن هذه المهنة تحمل في طياتها عدة أمور تتعلق بالمريض من الناحية العلاجية والشكلية ، بما فيها المتطلبات التجميلية، فمنطقة الوجه والفكين هي منطقة مكشوفة، والمريض عادة يبحث بعد العمل الجراحي عن نتيجة تجميلية مرضية تسمح له بالانخراط الاجتماعي.
وتابع أنه على سبيل المثال في أحد الحالات التي كانت لدينا، مريض بعاني من كسر بالفك العلوي، و الأنسجة، ناتجة عن حادث سير، ومن أولويات اهتمامه بعد العمليات هو النظر إلى المرآة ليرى النتيجة دون أن يسأل عن النتيحة بالأشعة هل العظام عادت طبيعية أم لا ؟، وهذا شيء طبيعي لأن غاية المريض هو جمالية الوجه وسيظهر به أمام المجتمع ، والكثير من المرضى بعد العمل الجراحي مثلا لايمكنه الخروج أمام الناس بهذا المنظر، والمريض في هذه الحالة كل تفكيره يكمن بالجانب الاجتماعي أكثر من الجانب الصحي، والنتائج الطبية، وهذا الموضوع يحتاج لوقت شفاء كاف لتكون نتيجة رائعة، مشيرا إلى أن المريض اليوم يبحث عن الناحية التجميلية بأي طريقة كانت لاشك بذلك، لابد أن نبحث عن حل لإغلاق مناطق الجروح والتشوهات الموجودة، عبر طريقه تجميلية وصحية في آن معا تسمح للمريض بظهوره أمام الناس بثقة.
ولفت إلى أن ما ذكره يتبع لثلاث نواحي يجب أن يقوم بها الطبيب و تتمثل كما يلي:
أولا: التأهيل النفسي للمريض.
ثانيا: أن يكون على دراية بالجراحه وهل سيتبعها معالجات أخرى بعد العمل الجراحي كتحويله الى طبيب من تخصص آخر تجميلي او فيزيائي.
ثالثا: لايحتاج هذا العمل الجراحي إلى متابعه طبيب اخر ونكتفي بالأدوية فقط.
مبينا أنه في وقتنا الحاضر لا يمكننا انكار عالم الليزر، وهو الذي أدخل على التجميل والندبات ومخلفات العمل الجراحي تطورات هامة بالتخفيف من معاناة المرضى النفسية والشكلية بعد العمل الجراحي.
من ناحية ثانية تحدث د. ادلبي عن طريقة ترميم الوجه والرقبة، فالفكين وعظام الوجه موجود مثيل له في الجسم، مثلا: يمكننا الإستعانة من داخل الوجه والفكين من عظم الجمجمة لنزرع الفك العلوي لنحصل على زراعة اسنان ، وأيضا يمكننا من الأخذ من زاوية الفك السفلي لترميم أماكن أخرى، طبعا أنا أتكلم ضمن الوجه والفكين، ويمكننا الاستعانة بعظم الحوض والحرقفة ومن الأضلاع الصدرية و أود ان أنبه على نقطة اساسية، أنه عندما نأخذ من الأضلاع الصدرية بعمر مبكر فإنها تعود للنمو من جديد، مثل باقي العظام في الجسم، كما يمكننا الاستعانة بعظام الساق نأخذ طعوم عظمية منها لترميم عيوب الفكين ، وهذه الطعوم قد نقطفها شخصيا، أو نستعين بجراحين من اختصاصات اخرى، لنأخذ طعم صحيح، وعادة نأخذها إما منفردة فقط عظم ونزرعه بالمكان المناسب له، أو نأخذ طعوم كاملة مثل : الطعم مع انسجته وشريانه الذي يغذي به لنزرعه ضمن الوجه والفكين، وعموما هذه حالة من الحالات التي نتكلم عنها من ضمن حالات الوجه والفكين.
أما من حيث الاصابات الورمية الآكله للوجه او الاصابات الخبيثة بالذات السرطانية التي تأتي على اجزاء واسعه ونضطر لترميمها، أو وجود أفات كيسية ضخمة أدت إلى ضياع كبير ضمن الأنسجة الصلبة والرخوة، وهناك أيضا شيء يسمى طعوم جلدية أو عضلية، حيث يمكننا أن ناخذها من منطقه الكتف والصدر لنرمم بها منطقة الوجه والفكين، وألية الترميم بالجسم تعد ألية معقدة، ولكنها ذاتية ممكن أن نرمم من الشخص نفسه دون الاستعانة بشخص اخر او من مصادر حيوانية ، وتعتبر الاستمرارية لهذه الطعوم عن طريق العناية، والمتابعة بالتنظيف والتطهير والتعقيم الصحيح، والمتابعة الدوائية وهذا ضروري جدا، وهل التوقيت والمكان صحيح لإجراء مثل هذا التطعميم؟، هل تمت العناية بالتطعيم بشكل جيد ؟، هل تم قطف التطعيم بالطريقة الطبية الصحيحة وضمن الشروط المطلوبة؟، وأخيرا مامدى استمرارية هذا الطعم؟، لأن بعض الطعوم تبدأ بالجفاف، وهل هذا ينتج عن أمراض عامة ؟ فلذلك يجب المريض أن يكون على علم بمهامه من بداية العمل الى النهاية.
وعن مرض الكورونا وما عانى منه أطباء الأسنان بشكل خاص أكد د. مازن أن الإجراءات الوقائية الموجودة كأطباء أسنان منذ البداية ، مثلا لانستقبل المريض دون كمامة وأنه لايعاني أي مرض كالسعال والرشح والكريب، وتهوية العيادة بشكل دوري والتنظيف الدائم، وإعطاء مواعيد بين المريض والمريض، لمنع الإختلاط والرذاذ المتطاير ، وهذا يحتاج الى تهوية جيدة، فيجب أن تكون العيادة صحية وتهويتها جيدة ، وسياسة الأدوات يجب أن نتجه لسياسة ادوات تستخدم لمرة واحدة فقط لكل مريض، وأثبتت الدراسات أنها فعالة من الناحية المادية و مكافحة العدوى، أما من جهة المريض فيقوم بتعقيم يديه، وإذا كان مصاب بالرشح يؤجل موعده إلى حين الشفاء ، ويتم تأجيل المعالجات الغير ضرورية، كما تم حصر مواعيد المرضى بالإضافة إلى التباعد بين المرضى، والاكتفاء بمريض واحد في الانتظار، بالإضافه إلى منع سياسة المرافقين مالم يكن طفل أو كبير بالعمر ، وتعديل بسيط هو إهتمام أكثر بسياسة تطهير السطوح.
وعن أهم الإنجازات التي تميز بها د. ادلبي قال: ان التطوير الذاتي، بحيث نتبع سياسة التعليم المستمر، والمصداقية مع المريض ، والاستفادة من خبرات الآخرين في المجال الطبي.
ووجه رسالة إلى كل طبيب أسنان متخرج حديثا يجب أن ينتبه جيدا فالخطأ محسوب، وأن يكون مؤهل بشكل جيد ، وهناك الفرق بين الخطأ بالإهمال والخطأ العفوي البشري ،، فالانسان غير معصوم عن الخطأ، لكن الإهمال غير مغفور له في عالم الطب، وأن يكون حريص على متابعة مرضاه وأعتقد الحرص على خدمة مرضانا ومتابعتهم تعتبر من أحد الأسرار التي تصنع طبيب ناجح.
وفي ختام اللقاء وجه الدكتور ادلبي نصيحة للمرضى بأختيار الجراح المختص للمشكلة الصحية ووجه الزملاء الأطباء البعيدين عن هذا الاختصاص بتحويل حالة المريض الى الطبيب المختص، موجها رجاء خاصا أنه مع التطور السريع لأمراض الفم بالذات يجب عدم الإستهانة بأي منظر غير طبيعي ممكن ترونه بالفم، فبعض الأشخاص قد خسرت جزء من الفك او الوجه نتيجة أفة صغيرة تم اهمالها، ومن الممكن أن تكبر وتتقرح ، ولايمكننا علاجها بعد فوات الأوان، كما نوه د . ادلبي إلى أنه بعد ١٢ عام من تعرض سورية للحصار والأزمة، ومازالت جامعاتنا السورية على قائمة الافضل بعالم البحث العلمي.
وختم حديثه بالمباركة لجامعة دمشق على انجازها بتقدم التصنيف العالمي والحصول على جائزة أحد الأبحاث العلمية المشتركة مابين السريري والدوائي، اي قاموا بجمع بروتوكولات التخفيف من ألالام التقويم السني بالأدوية والليزر مجموعة من أساتذة جامعة دمشق، وتعد هذه أول جائزة من نوعها لمثل هذا البحث الذي ينجز في العالم ويسجل لصالح جامعة دمشق، فالطبيب السوري بكافة الاختصاصات مازال محافظا على تفوقه في العالم.
نجاة عماد رحيم
