يستوحي الشعر النبطي اللهجة العامية، والأسلوب البسيط في سرد القصص، ونشر الحكمة وتوثيق سيرة الأحداث القديمة، ويشهد هذا الشعر حالياً إعادة إحياء الكتاب المقدس "الإنجيل "بنبطية جديدة تحاكي ما حدث في سورية خلال السنوات الأخيرة ، بقالب يحوي نغمة غنائية، استطاع بقدرته ربط مستمعي اليوم بماضيهم، انطلاقا من مقدرته على تناول القضايا المعاصرة، "مجلة زهرة السوسن" التقت بمؤلف كتاب "قصائد في رحاب الإنجيل" الشاعر ديب حنا النوح.
والبداية كانت بالحديث عن فكرة الكتاب حيث تحدث "النوح" للسوسن قائلا: أن فكرة الكتاب كانت نتيجة الهجمة الشرسة والظالمة على سورية المتعددة الجوانب وذلك عبر الدفاع عن بلدنا الغالي بالقلم والكلمة ، وايجاد عمل لايوجد مثيل له في العالم ،حينها تذكرت القديس بولس الرسول الذي انطلق من دمشق لتبشير العالم كله ،واستذكر مثل فرنسي "الطريق إلى الجنة يمر من دمشق" ، في هذا اليوم استيقظت في منتصف الليل بحالة عجيبة تحمل في ثناياها الارتياح والسريرة وكان بالقرب من رأسي الكتاب المقدس "الانجيل" ،وقمت بفتحه لا على التعيين وكانت الصفحة بعنوان "مواهب الروح القدس" ،ثم بدأت بكتابة القصيدة الاولى بعنوان "عيد القيامة "، والثانية عن " بشرى الملاك للسيدة العذراء" والثالثة "نبوءات العهد القديم " عن التبشير بالسيد المسيح.
موضحا بالقول: أن الفكرة ترجمت إلى الحقيقة، وتم استشارة الأب الياس أغيا رئيس دير الأباء البولسيين في لبنان، وبدأت القصائد تتوالى تدريجياً يوما بعد يوم كما يتكون الجنين في رحم الأم إلى أن تم أعداد الكتاب بالكامل، وهنا تم أخذ كامل الموافقات من الجهات الرسمية لطباعة الكتاب، حيث تم تقديمه من قبل غبطة البطريرك جوزيف العبسي بطريرك أنطاكية وأورشليم وسائر ديار المشرق والإسكندرية.
واستذكر "النوح" بضع أبيات من قصيدة "هداية بولس على طريق دمشق " بولس تكنى بالرسالة وسندها بولس عطاه الله نعمة جزيله من لحظة الميلاد أمه فقدها لكن تربى عالعلم والفضيله يصغر يسوع بستة سنين عددها في مدينة طرسوس بأسرة جميله الوالد يهودي للخيم معتمدها تاجر مسافر بالبحر والجزيره عنايته بالطفل ماحد وجدها تربيه وتعليم وأجمل وسيله ولما بلغ لأوشليم قصدها وبمدرسة غمالئيل حط الرحيله معهد لتعليم الشريعة وعمدها يمشي على طرق الأجداد الأصيلة من وجهة نظر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك جوزيف العبسي حيث كتب في كلمته بأول الكتاب: أنها محاولات متنوعة بألسن عديدة ولهجات مختلفة ظهرت وتظهر من حين لأخر هنا وهناك ،تلبية لرغبة او حاجة لكتابة الأنجيل بلغة شعرية او قريبة من الشعر ، بالفصحى والعامية على اختلاف لهجاتها ،نالت درجات متفاوتة في التوفيق، الكتاب هو محاولة جريئة وفريدة سكبت بالشعر النبطي الذي لهجته من أجمل اللهجات وأمتنها والتي استطاعت أن تتغلب على الزمن ، موضحا أنه ليس سهلا أن تسكب في شعر لوحة من الأنجيل أو مثلا أو شخصية في أعمق ما فيها ،ناقلا الفكرة او التعليم او الأمثولة او المغزى بأمانة بدون زيادة او نقصان ،بنصاعة وبساطة، واصفا هذا الكتاب بالبشرى الحسنة.
في حين كتب الأب الياس اغيا البولسي: الكتاب شعر نبطي يرسم للمرة الاولى في التاريخ المسيحي ،لوحات من الأنجيل المقدس بلغة مستاغة، عساه يلبي حاجة مجتمعاتنا الشرقية إلى معرفة شخص السيد المسيح ورسالته الخلاصية ، وعساه يلقى رواجا في محيط أبنائنا القريبين من هذه اللهجة النبطية ،سواء أكانوا في البلاد أو في المهجر ، ونأمل أن يرتاح المسؤولون الكنسيون إلى فكرة هذا الكتاب وان يحظى ببركتهم ،كي تعم الفائدة "للمنفعة العامة " كما يقول بولس الرسول... واللافت في الكتاب انه تم أهداءه لكل أديان العالم ببعضع كلمات تضمنت : " إلى كل مؤمن ومؤمنة بالله تعالى وكل من يعترف بأن الله خالق السموات والأرض وما فيهما ويؤمن باليوم الآخر وبأن البشر هم جميعا إخوة متساوون أمامه " ووجه "النوح" رسالة للشعراء والكتاب الحديثين تضمنت:
*الإكثار من القراءة، لأن الشاعر بدون ثقافة كالصياد الفارغ من جعبة الصيد.
*القراءة تصقل المواهب وتوسع أفق الشاعر، وتزيد لديه المخزون من الصور والتشابيه، وتمتين اللغة وعند النضوج يبدأ بالكتابة.
*عدم الالتجاء لسفاسف الأمور بالشعر ، وأن تكون كتابته موجهة لتقديم الإفادة للقراء بطرق مفيدة، على سبيل المثال: النقد البناء ولا يكون هادف للتجريح ومغرض وغرضه التشهير ،وأنما يكون للإصلاح والبناء.
*أن يكون قدوة للمجتمع أولا، ولا أطلب من غيري أن يكون قدوة قبل أن أعمل انا بذلك، فالشاعر كان سابقا سفير القبيلة، وكان وزير خارجيتها، وينقل أخبارها للقبائل، ويساهم في الصلح والاصلاح، ومساعدة الفقراء والمحتاجين.
وختم "النوح" حديثه "للسوسن" بقصيدة "عيد القيامة المباركة": بشرى الخلاص تأكدت يوم القيامة
قام المخلص وانبلج فجر جديد خبر الاقوام في نجد وتهامه زال الظلام وابتدا العهد الجديد ياحبيبي يا صديقي باحترامه لا انا من طين ولا انت من حديد البشر إخوان من عهد ترامى والصدق والحب للعيش المفيد لا تنافر لا تخاصم للملامه كلنا ساده ولا نرضى عبيد إسمع لأقوال المعلم من كلامه لا تقابل شر بالشر العنيد قال : أحبوا بعضكم دون الخصامه وافتدانا وأرهب الموت العتيد بل تسامع مع محبه مع سلامه من دواعي الحب للعيش الرغيد من بعد صلب المخلص واتهامه ودفنه بالقبر محروسا أكيد حدث زلزالا كالرعد ونظامه من ملاك الرب ينذر بجديد وكان كالبرق بياضا مستدامه فارتعب الحراس من خوف شديد ودحرج الحجر المثبت بالختامه وجلس عليه شاهد لا يحيد فقام المخلص وارتفع مثل الغمامه وصدقت أقوال التنبؤ والوعيد وحطم الاغلال للموت وسهامه وانتهى ما كان من عصر تليد وكلم النسوه صباحا بالتمامه أخبرن الاحباب بفرح يزيد لاقاهما يسوع واكد بسلامه فسجدتا له احتراما من بعيد فاسرعت مرتا ومريم كاليمامه للرسل تبشير صار اليوم عيد القبر فارغ أوفى بالتزامه هللو للروح لليوم السعيد.
من الجدير ذكره أن الشاعر ديب النوح من مواليد محافظة درعا بلدة المسمية ، ضابط متقاعد ، يحمل دبلوم في التربية وعلم النفس، له عدة مؤلفات في الشعر النبطي، كما أصدر عدة دواوين شعرية ، بالإضافة لكتابته أشعار عدد من المسلسلات التلفزيونية منها " اللحظة الأخيرة ،ومسلسل الغربان ", وشارك في عدد من المهرجانات الشعرية على مساحة واسعة من القطر العربي السوري ، وشارك في أمسية تلفزيونية في الكويت وأخرى في الأردن وحقق. انتشارا واسعا في دول الجوار.
ملك محمود