لم نعد نفرق بين المرأة والرجل صفات الرجولة بهذه الأيام قد تضطر المرأة للتحلي بها ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بشدة لماذا يرتدي الرجل صفات المرأة في لباسها ومشيتها وحتى في حمرة شفتيها؟
أين وصلنا ؟؟
حالات شتى شوهدت في شوارع دمشق وغيرها من المحافظات السورية ، أهذه هي الثقافة والتطور؟
ما نراه اليوم مخزي وأن دل على شيء يدل على كثرة الذكور وقلة الرجولة وللحديث أكثر عن هذه الظاهرة التقت مجلة "زهرة السوسن" بالدكتور أحمد السلامة رئيس دائرة الصحة النفسية في وزراة الصحة.
تعتبر هذه الظاهرة قديمة مستجدة ومتجددة ،والتي من الممكن أن يكون لها تداعيات ،نفسية و جسدية و اجتماعية على مستوى الفرد المتشبه و الاسرة و المجتمع ، أخذين بعين الإعتبار حجم التطور و التحول العصر الحديث، و خاصة لما تحمله تداعيات التكنولوجيا عبر الميديا بشكل عام ، حيث تقوم بتوفير الصورة، و المعلومة، وسهولة الوصول إلى أي مكان ،و بشكل افتراضي، فمنذو القدم نعلم أن كمال الخلق جعل لكل جنس "ذكور وأناث" ،وظائفه و مفاتنه التي على مر الأجيال و العصور تشابهت نوعا ما بحسب ما أفاد به الدكتور أحمد السلامة.
وتابع بالقول: يبدو أن السعي الحثيث للعولمة أخذ أبعاده في تدمير بعض الشباب، وتجفيف منابع الرجولة وتعطيل قدراتهم ومواقفهم الرجولية، بحيث ظهر ذلك بصورة واضحة في الآونة الأخيرة، ولوحظ بشكل ملفت أن بعض الشباب قد سلك طريق تقليد الفتيات، من حيث الثياب والاكسسوارات وتسريحات الموضة وعمليات المكياج والتجميل، بل وصل بهم الأمر إلى مجاراة النساء في الأصوات وتنعيمها، فالصوت الذكوري الذي عرفناه أصبح «مايعاً» لايميز "عمرو عن سلمى" ،ولا "عنتر من عبلة "، في حين عزا خبراء علم النفس والاجتماع تمدد الظاهرة لطبيعة التنشئة، وفقدان الثقافة الجنسية ، وتقليد المشاهير، بجانب تطور وسائل الميديا الحديثة، ومحاولة تقليد الآخرين من باب المواكبة للعصر الحديث، ويترتب على ذلك الكثير من السلبيات التي تؤدي لتفكك الأسر، والإصابة ببعض الأمراض المستعصية نسبة للممارسات غير الشرعية التي قد تحدث أثراً، و هذا التغيير من تحول الرجل إلى أنثى والعكس بالعكس.
حالة
وأشار د. السلامة إلى أن أحد الشباب كان يفرط في استخدام المساحيق والكريمات والأزياء الأنثوية، وعلى الرغم من مناشدة والده له بالتوقف عن هذا، إلا أنه لم يهتم لحديث والده، مما دفع الوالد لطرده خارج المنزل ، وحدثنا الشاب أنه نشأ بين سبعة أخوات إناث، فأصبح يقلدهن في كل شيء، حتى في طريقة كلامهن، يستعمل الألفاط النسائية ،ويميل للجلوس معهن أكثر من الرجال ، مبينا أن شخصيته الشابة تخيلتها للوهلة الأولى فتاة، عندما جلس إلى جواري يبادلني أطراف الحديث، بسبب شعره المسترسل ،وأظافره الطويلة ولونه الأبيض من آثار استعمال مواد التجميل المبيضة، سألتة عن سر الجمال والنعومة ،عندما تبين لي أنه شاب وليس فتاة ، فأجاب: هذه ثقافة الموضة والتحضر، وأنه يميل للنجوم العالمين ،ويتخذهم قدوة له في ممارسة حياته ،وترتب عليه أثر ذلك الكثير من المشاكل النفسية ،و الاجتماعية ،وأصبح أصدقائه ينادونه بالفتاة ما أدى إلى وصمة عار له ولاهله.
مقارنة واضطراب بالهوية
وأكد دور المقارنة والتشبه بالآخرين ،ومحاولة لفت الإنتباه والأنظار ،والاحتيال والشعور بالرضى وروح المغامرة، وكذلك محاولة الثأثير على الآخرين، أو الوصول إلى أهداف شخصية خاصة ،مثل : التقرب من الفتيات، أو ممارسة عادات جنسية ،وهي الرغبه بالتشبه بالنساء حل وهمي لها، وهذا يعد اضطراب في الهوية الجنسية، منوها إلى أن الظروف الخاصة ،والعوامل المختلفة تؤدي إلى اضطرابات الهوية الجنسية ،ومستوى الإدراك النمطي، حيث يؤدي إلى حالة من التشبه بالفتيات، و يصل إلى درجات متقدمة من إنكار الشاب لنوعه، ورغبتة في أن يكون فتاة بكل تفاصيلها الأنثوية، ويفسر "بلدو " أن الاختلال الهرموني والذي يؤدي لزيادة هرمونات الاستروجين ،وهرمون الاستراديول مع نقص واضح في الهرمونات الذكورية مثل:الاندروجين والتستوروجينيا إلى جانب بعض الأورام الدماغية ،واختلال التوصيل الكهربائي والكيميائي قد يؤدي إلى مثل هذه الحالات.
وأضاف أن طبيعة التنشئة ،وفقدان الثقافة الجنسية والعيش وسط مجموعة من السيدات ورؤيتهن في أوضاع مختلفة، أو المشاركة معهن في عمل الزينة الخاصة بهن، يحرك هذه المشاعر الأنثوية ،والتي تغذيها الوسائط الاجتماعية ،والثقافة الأجنبية وعدم الشعور بالرضا الداخلي، وإذا أخذنا في الإعتبار وجود أشخاص لديهم مشاكل شخصية واضرابات علي مستوى الذات، بالإضافة لاضطرابات الجندرا والتحول الجنسي ،والمشاكل الجنسية الأخرى والتي تكوّن سالبة وغير سليمة.
وأوضح أن مثل هؤلاء الشباب يحتاجون لنوع من الإرشاد وتقوية الكفاءة النفسية ،وامتصاص الصدمات، والخبرات التراكمية غير المستحبة، بعيداً عن أسلوب التوبيخ، والاستنكار والإساءة ،والتي لن تحل هذا الإشكال، مضيفاً أنه يجب أن يتم التعامل مع هؤلاء الأشخاص في جلسات خاصة ومغلقة، مع مراعاة الخصوصية واحترام الكرامة الانسانية ،وعدم إعطاء الشعور بالدونية أو المهانة، التي تجعل الشاب يتمادى في التشبه لدرجة عمل عملية جراحية لتغيير نوعه إلى أنثى.
نتائج خطرة
ولفت د.السلامة أن الآثار الاجتماعية لهذه الظاهرة خطرة للغاية، فقد ينتج عنها التفكك الأسري، والمقاطعات والنزاعات واللوم المتبادل، والطرد من المنزل، وخلق جو مشحون ومتوتر، مع التدهور الأكاديمي ،والعلمي والطلاق والانفصال، وكذلك يؤدي إلى خلق قدوة قد يحذو الآخرون حذوها داخل المنزل أو خارجه، وهذا يجعل الوالدين يشعرون بالذنب، والمرارة أو الرغبة في العقاب أو إلحاق الأذى بهذا الابن المتشبه بالإناث ، لذلك لا بد من تكاتف كافة الجهود على مستوى الأسرة و المجتمع و المدرسة والإعلام ،وتسليط الضوء على هذه الظاهرة بشكل أكبر ، من خلال حملات توعية ،ونشر ثقافة الاستخدام الصحيح لوسائل التواصل الاجتماعي ، والتعريف بالدور الذكوري واعطائه أهمية وحيز هام ،والتركيز على المهام الملقاة على عاتق الشبان ، ونشر مفاهيم الزواج الصحيحة و بناء الأسرة و أهميتها بالشكل الأمثل.
وتوجه الدكتور أحمد السلامة في ختام اللقاء بالشكر لكل الشباب الواعي، و المتحفز للوقوف في وجه كل هذه الظواهر التي تغذو مجتمعاتنا ،و إلا يأخذنا القلق بقدر ما تأخذنا الرغبة ،بمحاربة النزوات و الشهوات ،ورصد الجوانب و العادات الدخيلة ،التي تحمل جوانب مظلمة، ويمكنها أن تجعل حياتنا أكثر تعقيدا، و أقل رفاه نفسي واستقرار إجتماعي.
ملك محمود