2024/04/20 -
أيام على النشر

صدد تترجم تاريخها وعراقتها على الصّخر..

صدد تترجم تاريخها وعراقتها على الصّخر.. إحدى عشرة منحوتة بأيدي مجموعة من أهم النّحاتين السوريين

 

تاريخ صدد وتراثها العريق، كانا دافعاً لأهلها لتخليد عراقة بلدتهم، وتمكين تعلّقهم بها لترك إرثٍ من نوعٍ خاصٍ لأحفادهم، الذين سيستحضرون الأصالة في هذه البلدة الواقعة في الجنوب الشّرق من محافظة حمص، والتي تلخّص تاريخ منطقةٍ بكاملها، فكان للفن حكايةٌ أخرى، تُرجمت بمنحوتات أبدعتها أيادي مجموعةٍ من الفنانين السوريين.


مجلة زهرة السوسن وضمن اهتماماتها الثقافية والتراثية توقّفت عند هذا الحدث، والتقت القيّمين على هذا المشروع الفنيّ المتميّز: الأستاذ بشير البطش المنسّق الإداري، والفنّان حسان حلواني المدير الفني للملتقى.


في مستهلّ حديثه بيّن النحّات حلواني أن صدد مدينة عريقة، تاريخها موغلٌ في القدم وسبق ذكرها في العهد القديم ووقد كانت مدينةً آراميّة سريانيّة منذ آلاف السنين، ولها تأثيرٌ كبير في الأحداث التاريخيّة في المنطقة. منوّهاً إلى أنّها  بلدة منسيّة حاليّاً ، ومن المفروض الاهتمام بها من قبل وزارة الثقافة ومحافظة حمص، إذ يوجد فيها عددٌ من الكنائس القديمة ، وأقدمها كنيسة مارجريوس،  التي بُنيت على أنقاض معبدٍ وثنيّ قديم، وأضاف : انطلاقاً من كوني نحات وعلى درايةٍ كبيرة بتاريخ المنطقة، ولديّ أصدقاءٌ من صدد، خطرت لنا فكرةٌ حماسيةٌ بدأت بما طرحه السيد مرقس داوود لإقامة تمثال  للمطران سلوانس، ابن البلدة الذي توفّي أواخر ٢٠٢٠ ، وقمت بطرح فكرة تنظيم ملتقى نحتي بهذه المناسبة لإضفاء لمسةٍ حضاريّةٍ معاصرةٍ إلى البلدة العريقة، ونعيد بعض الألق لساحاتها، كذلك لنشجّع الأهالي على المزيد من الدّعم لهذه البلدة الّتي تتغنى بعناية أهلها بها ودعمهم لنشاطاتها، حتى ولو كانوا في أبعد نقطةٍ على سطح الأرض.

 فتم تبنّي الموضوع من قبل السيد المطران، ويعود الفضل لصديقي الأستاذ بشير البطش الذي يعتبر صلة الوصل بين جميع الأطراف، وهو الذي ساهم بشكلٍ كبير بتحقيق هذه الفكرة على أرض الواقع، من جميع جوانبها إدارياً وماديّاً وعلى صعيد الموافقات الرسمية.

 فيما كنت أنا المدير الفني للفعاليّة، ويتمحور عملي بدعوة الفنانين والتنسيق معهم والإشراف على برنامج العمل اليومي تقنياً. وكان الحدث بدعم كاملٍ من المجتمع المحلّي والمغتربين وبرعاية مطرانية حمص للسّريان الأرثوذكس التي أشرفت على شؤونه تنظيمياً.

السيد مرقص داوود قال: كنّا بصدد تحضير  تمثال لمثلث الرحمات مارسلوانس بطرس النعمة ، كونه ابن بلدة صدد وقدّم الكثير من الدّعم لهذه البلدة، فتجاوب الأستاذ بشير مع الفكرة وطرحها على الأستاذ حسان حلواني الذي اقترح عليه فكرة ملتقى نحت يكون من ضمنه تدشين منحوتة لقداسة المطران مارسلوانس، فتجاوبنا معه وطرحنا الفكرة على نيافة المطران متّى الخوري، وشجّعَنا، ووافق أن يكون الملتقى تحت رعايته كونه مطران حمص وحماه وطرطوس حالياً ، وقد ساعدَنا أيضاً الأستاذ خالد المحمد الذي كان مديراً لفرع الجيولوجيا في محافظة حمص،  وعندما جاء الأساتذة النحاتون كان دوري بتأمين قسمٍ من استضافتهم (المنامة و الطعام ) وتأمين كل متطلباتهم، كذلك ساعدنا أيضاً المرحوم رزق الله قرقور كونه مسؤولاً عن لجنة وقف مارانطونيوس بصدد، وتعاونّا أنا وبشير على جمع التبرعات، ويوجد حالياً فكرة لعمل ملتقى ثانٍ والآن ندرس فكرة نصبٍ تذكاريّ للأمير أبي فراس الحمداني، وذلك تخليداً له، لكونه كان مدفوناً بأرض صدد .

الملتقى جاء تتويجاً لجهدٍ جماعيّ بإشراف نيافة المطران متّى الخوري

وبدوره أكّد الأستاذ بشير البطش أن مجموعةً من الأيادي البيضاء دعمت هذا الملتقى بتمويلٍ وصل الى 30 مليون ليرة، وبذرة الفكرة تعود للصديق مرقس داوود، وكان لحماسه ومواكبته فضلٌ وجهدٌ كبيرين، ولكن عوضاً عن عمل منحوتة للمطران فقط، جاءت فكرة الملتقى، فحقق النجاح في بلدة تاريخية مثل صدد، رغم بعدها الجغرافي عن العاصمة، فقمنا بعمل عشر منحوتات بالإضافة لتمثال سيدنا سلوانس ليصبحوا إحدى عشرة منحوتة نُفّذت بأيادي مجموعة من أهمّ الفنانين السوريّين المتواجدين على الساحة التشكيلية. وذلك بدعم من عدّة أسرٍ مغتربة مثل إيليا نصار وعائلته، الذين ساهموا بثلث التمويل تقريباً، والسيدة نور النعمة أخت سيدنا المرحوم، وأنطون البطش إضافةً إلى مجموعةٍ من الشباب قدّموا دعماً كبيراً. كذلك قامت مجموعةٌ من الأصدقاء مثل جورج البطش وجورج سكر وغيرهم بجمع التّبرعات تحت رعاية وإشراف نيافة المطران متّى الخوري، الذي جاء خير خلفٍ لخير سلف، مثّلث الرحمات سلوانس في مطرانية حمص.

وأكّد البطش أنه خلال فترة العمل تمّ استقبال النحاتين في منازل البلدة لعدم وجود فنادق، وعند افتتاح الملتقى تم دعوة محافظ حمص بسام بارسيك وأمين فرع الحزب عمر حورية ولاقى الملتقى صدىً واسعاً، وتم اختيار الساحات التي ستوضع المنحوتات فيها.

 ولعلّها مناسبة لأتقدّم بالشكر الجزيل للمؤسسة العامة للجيولوجيا التي تكرمت وقدّمت الكتل الصّخرية  تبرعاً ومساهمةً  منها في هذا الإنجاز الثقافي الفني ، والشكر والتقدير للنّحاتين المشاركين، الذين جاؤوا متطوعين بدعواتٍ شخصيّة، ودون أيّ مقابل،  فكان جهدهم تبرّعاً  إضافياً بلغ بالملتقى ما بلغه من نتاجٍ مهمٍّ ونجاحٍ، وتم تكريمهم في حفل الختام، وهم الأساتذة أكثم عبد الحميد، محمد بعجانو، أبيّ حاطوم ،أكسم السّلوم، سمير رحمة، غاندي خضر، وضاح سلامة ،علاء محمد ،هشام الغدو، أسامة عماشة، إضافةً إلى المشرف الفني على أعمال الملتقى حسان حلواني. الذين جاؤوا من معظم المحافظات.

يتمّ التّحضير حالياً لإقامة نصبٍ للشّاعر أبي فراس الحمداني الذي توسّد تراب صدد لمدّةٍ تقارب على ألف عام

وبالعودة الى النحات حسان حلواني تحدّث عن أعماله وافكاره القادمة والتي تندرج بفكرة مشروع لملتقى أعمال خشبية تزيّن بعض الاماكن في صدد، ولكن تم تأجيلها للعام القادم بسبب الظروف الحاليّة.

وأوضح أنّه دائما نعمل على تسليط الضوء على أماكن تراثية، فنحن نملك في سورية مواقع كثيرة مثل صدد، ونأمل أن تتكرّر هذه التجارب، وهناك الكثير من الملتقيات في حمص ودمشق وطرطوس واللاذقيّة ومشتى الحلو بشكل سنويّ دائم وأتمنّى أن تأخذ الأماكن التاريخيّة المنسيّة حقّها من الاهتمام. ​

ولفت إلى وجود فكرة لمشروع مهم وملحّ، وهو نُصب تذكاري للأمير الشاعر أبو فراس الحمداني تخليداً لذكرى دفنه بصدد قبل نحو 1000 عام، ويتمّ دراسة الفكرة مع الصحفي سعد الله بركات صاحب الفكرة، وهناك دراسة جديّة للمشروع، وتم وضع مخطط للميزانية لعلّها ترى النور. ​

ثمّ تمنّى أن تنتشر هذه الثقافة في أرجاء بلدنا الحبيب سورية لأنّ سورية تعتبر متحفاً تاريخياً في الهواء الطّلق لما تحتويه من حضارةٍ وتاريخ، لأنّ الفن هو ثقافة وحاجة أساسيّة، ونأمل أن نستطيع إعادة بعضٍ من الألق لهذه الحضارة العريقة. 

أجرت اللقاءات: بيان قواص

مواضيع ذات صلة

أدب وثقافة

السيرة الذاتية للكاتب الإعلامي سعدالله بركات

ما بين الإذاعة والتلفزيون ، 37 عاما ويزيد ، كانت سنوات عمل وحياة ماتعة ، وقد تمازجت مع الكتابة الصحفية امتدادا بعد التقاعد ، لتجربتي على تواضعها

أيام على النشر

أدب وثقافة

أوراق سعدالله: نفحات وجدانية ..ومصداقية بوح بقلم الدكتورة الشاعرة مها قربي

قرأت أوراق " وجع سعدالله" فإذا بها نفحات وجدانية مرسلة " وبذلك وصفها أيضا د. جورج جبور في تقديمه للكتاب ص 7 " قلّبتها

أيام على النشر

أدب وثقافة

من ضفاف النيل: لعيني دمشق يغنّي الشاعر ناصر رمضان عبد الحميد

لعيني دمشق أغني لعيني دمشق حنيني القديم بعمر الدهور بصدري يقيم

أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر
أيام على النشر

تابع أحدث التحديثات

احصل على نسختك الجديدة من المجلة
فقط قم باضافة البريد الالكتروني الخاص بك