كحلون…و....بقلم الإعلامي سعد الله بركات
كحلون ياطلّة لبساتين كانت بهية ، ياطللا على دروب القناة ،كحلون يا تلّة الشمال ، كنّا نصابحها ونماسيها فصارت النظرة مشتهاة ، كحلون يا جبلا من ذاكرة وذكريات، كحلون. يا كحلون ليت الجفون تتكحّل بنسماتك العليلات….
نعم ..عن ،، كحلون ،، أحدّثكم ، تلك الهضبة الجرداء على مبعدة 2 كم شمال البلدة ، مثل كلّ أراضي ،، صدد ،، وقد غاب عنها خير السماء ، منذ نصف قرن ويزيد ، لكنّها مخضوضرة في القلب ، مذ كنّا صغارا ، نصابحها أونماسيها ، ونحن في طريقنا إلى الحصاد أو كروم عنب وتين ، قبل أن تصير أثرا بعد عين ..
ما أن نتجاوزها ، حتى تطلّ واحة ،، القناة ،،* بنضارتها ،وعبق ثمارها وقد رضعت ماءها السلسبيلا ، قبل أن نسمع فيروز تشدو ،، كحلون ضيعة ستي،، :
……….
((ونحنا بسهر كحلون..
منقطف العنب والتين وبيمرق تشرين…))..
كيف لا تزداد في المخيّلة اخضرارا وبهاء ، بعدما عبرنا المحيط، وصار ،،التكحّل ،، برؤياها الأماني المشتهاة ، بعدما كانت تثير فينا الذكريات، كيفما يمّمنا العين نحو ليالي،، الشمال،، الحزينة .
طريقها الترابي الوعر ، وقد مشيناه أياما وساعات ، أملا بفاكهة نضرة ، لم نعهد لمثلها مذاقا ، وها نحن نتشهّاها ، ولياليها الخاليات.
جيلنا السبعيني كاد ينساها ، لولا أنّ ثلّة براعم ،، صددية ،،، بادرت 2014 في خضمّ الحرب الكونية على الوطن ، لتشكيل فرق فنية ، فكرّست تجذّرا بديعا ،حين سمتها فرقة (كحلون ) ، تعبيرا عن تمسك مزدوج بأ مكنة وأسماء ، بما ينطوي على بليغ المعاني ، وبفرح الحياة لقهر الليالي الحالكات …
لشدّما فرحت بتأسيس الفرقة ، كما باسمها ، على نحو غبطتي بفرقة كشافة ،، مار افرام السرياني ،من راحت تصدح إيقاعا مموسقا مطالع الألفية ، لكن لفرقة المواهب ،، كحلون حكاية ونكهة ….
يقال ربّ ضارة نافعة - وإن كان النفع أحيانا لا يوازي الضرر- إنما يعبّر عن فعل مقاوم له
كما في مثالنا الآتي..المصيبة وحدها ، أتت ب ،،ملك ،، و،، فرج ،، إلى ضيعتهما ،،صدد،، حين هجرهم الإرهابيون من حلب والرقة ، فتحفّزت مواهبهما على نحو مجد ،عملي وعام ، من منطلق مقاومة المحن بفرح الحياة .
وحين تقاطعت طموحات ملك حنون وفرج اسكندر ، تلاقت أفكارهما في تأسيس فرقة ،، كحلون ،، للمواهب الفنية ، تشاركا جهد الانطلاق وتطوير الفرقة ،هو في الكتابة المسرحية ، وهي في الموسيقى وإشهار الفرقة وإدارتها بفاعلية ونشاط ، وما تزال ..منذ تأسيسها 2015 رسميا من قبل مديرية ثقافة حمص كفرقة للمركز الثقافي الذي تديره ميادة فلفل منذ تأسيسه 2004 ، واللافت في نشاطها ، جمعه البعد الثقافي التربوي إلى الاجتماعي التكافلي ، حيث نظّمت ملك حملة تبرعات الفرقة وأوصلتها إلى أطفال حلب المنكوبين في زلزال شباط الماضي.
تضم الفرقة حاليا نحو 180 موهبة متنوعة ومن عمر 6 سنوات إلى 60 سنة ، بعضھم ھواة وآخرون اختصاصيون ، وغدت الفرقة تشمل كل أقسام الفنون: تمثيل ،غناء ، عزف ، شعر ، فن تشكيلي( رسم ونحت)الدبكة ،وحديثا قسم العراضة الصددية الشعبية
تضم عازفين مهرة على بعض الآلات الموسيقية ، ويتم التعاون مع عازفي (كيبورد، كمان، عود و كيتار ) وضاربي إيقاع من أبناء البلدة
وتضيف الآنسة ملك :(( كانت باكورة أعمالنا ، عمل مسرحي لعيد الأم بعنوان (الخادمة) سيناريو السيد فرج اسكندر، ولوحة مسرحية بعنوان (صحوة) ولوحة غنائية بعنوان (بسمة طفل) ، وتقدم فرقة كحلون أعمالا فنية متنوعة وأمسيات غنائية وشعرية ، بمناسبات دينية ووطنية ، من التراث السوري والسرياني فضلا عن المشاركة في مھرجان،، صدد العراقة ،، 2019 بمبادرة من لجنة الإعمار ورئيس البلدية ثائر قسطون ،[ ومن أسف لم يتسنّ للفرقة المشاركة في مهرجانات العراقة 2016-2018 مع أنها فرقة المركز الثقافي - المحرر]
وفي المسرح ،تضيف ملك:(( قدمت الفرقة ، نحو 13 عملا ھادفا ،يحمل رسائل قيمية للجمھور ،للأم ، للشهداء وذويهم ،للوطن ، وبعضھا من الكوميديا السوداء والمسرح التفاعلي تحاكي مشكلات اجتماعية وتطرح حلولا ترتقي بالمجتمع، 5 أعمال كتبها السيد فرج ، وكان لتعاون الفنان رامز عطا الله ،أثر كبير كتابة وإخراجا وتدريبا ، وممن ساهم في الكتابة : روني دهام ،ايلي غزال ، نتالي شنور، ميرنا حنون ، سليمان عطالله ، ووسام صطوف ،مدرّب مجموعة العراضة الصددية ، فضلا عن اقتباسنا لوحات من مسرحيات محمد الماغوط وسعدالله ونوس . ومن نشاطها تقديم لوحات فنية للاطفال من المسرح التعليمي، وإقامة معارض سنوية للرسم والفنون اليد الحر على الخشب ،الرسم على الزجاج ،الرسم بالفحم والألوان الزيتية ومنحوتات وأعمال خشبية من تراث المنطقة..))
اللافت في الجهد روح الفريق والتعاون تبرعا وتطوعا ودعم الأهالي ، فمن البداية حتى الآن ثمة من يواصل دعمه: باسل شلاش بالتصوير، عماد خليل بأجهزة الصوت والإنارة ،عطالله وعبود ورهف عبد اللطيف ،جانيت عويل وجورجينا عجرم ، والعديد من الرسامين التشكيليين الذين يتطوعون لرسومات الديكور، وقد أخذوا بيد المواهب الواعدة ،والعديد من المبادرين ، منهم من غادر ومنهم من استمر حتى الآن مثل مارسيل عبد اللطيف مدرب اللغة السريانية منذ تأسيس الفرقة، بينما تتولى الشاعرة مريم كدر التدقيق اللغوي لأعمالنا، تضيف ملك :كان للفرقة دور كبير في صقل مواهبهم ،فضلا عن تنظيم دورات إعداد ممثل، في معاهد متخصصة بحمص،و لقاءات تفاعلية مع طلاب يدرسون المسرح
وخلال البروفات ، تجري أيضا ، تمارين صوتية لتحسين الأداء الغنائي، ورياضية لتحسين اللياقة البدنية للممثل ،ومن ثم التدريب على الفقرات التي يتم تجھيزھا للأعمال
ومن الصعوبات التي تواجھھا فرقة كحلون ، توضح ملك:(( افتقارالبلدة لبناء ومسرح خاص بالمركز الثقافي ما حدا بالسيد جورج جودت الحيّ مشكورا ،لتقديم منزله لاجتماعاتنا والتدريبات.
كما نفتقر للعديد من الإمكانيات اللوجستية: صالات وأجهزة خاصة بالعروض المسرحية وقاعات للمعارض الفنية... وقلّة الإمكانيات المادية المقتصرة على تبرعات من الأھالي، ماحرمنا من المشاركات الخارجية ، فضلا عن تسرب بعض المواهب لغير سبب
ومن جديد نشاط الفرقة، تقول ملك :((يتم التنسيق حاليا لعمل غنائي كبير عن تراث صدد القديم ، ومجموعة من الأغاني والمشدّات التي كانت تهزج بالأعراس ،إضافة لمراحل العرس الصددي ،يتخللها وصلة سريانية باعتبار صدد مدرسة سريانية قديمة، كما يتم تنسيق عمل غنائي عن تراث صدد الحديث ، كتابة وألحان الأخت سامية ملعب بالتعاون مع قسم العازفين
،فضلا عن كتابتها عمل غنائي ميلادي .
مواهب ،، كحلون ،، كحّلت العيون بفرح ، وهي واعدة بمزيد عبق أزاهير يفوح نشاطا وحبورا ، فلعلّ قنوات التبرع وجداوله المعطاءة ، وقد توجهت للناشئة والمدارس ، تشملها بالعناية المأمولة ، وليس ترفا بل من الضرورات المشكورات.
فرقة هارموني….
لعلّ أهم مافي مبادرات النشاط الثقافي والموسيقي في ،،صدد ،، أنها انبلجت في زمن عتمة الحرب ، لتقاوم كآبتها والقنوط ، وهي تفتح النفوس على آفاق فرح وعطاء ، على نحو ما تفعل فرقتا،، كحلون ،، و،،هارموني ،، اللتين انطلقتا في عام واحد، وقد بادر لتشكيل الأخيرة وبتمويل ذاتي ،د.رند سكر ورامي شنور 2015 وضمّت أكثر من عشرين موهبة في العزف على مختلف الآلات الوترية .
كان لبعض أعضاء الفرقة مشاركات في أوركسترا مديرية ثقافة حمص و فرقة أوركسترا الموسيقا العربية و مشاركات خارج القطر بالإضافة لكورال بطريركية مار أفرام في دمشق و كورال أم الزنار في حمص و العديد من الفرق الأخرى..
أغلب الأمسيات كانت ذاتية التمويل بالاعتماد على سعر رمزي لبطاقات الدخول ، و كل ريع الحفل يعود للمشاريع الخيرية في البلدة دون أي هدف ربحي كما يوضح د. رند .
وفي السياق ذاته، جاء تأسيس عرفان ضاحي فرقتي ،،ناشئي دمشق ،، 2005 وضمت 35 موهبة، و ،،ذهب أيلول ،، 2020 بقيادة عرفان ضاحي وهي تضم 60 موهبة عزف وغناء ، وتمارس نشاطاتها بدمشق. وعلى مسارح مراكز ثقافية وعبر إطلالات تلفزيونية ،وقد كرّمت والمايسترو عرفان ، في حزيران الماضي من قبل المنتدى الثقافي العراقي .
لكن هذا الدفق المموسق له جذور ، تعود إلى 1971 حين أسس أخوه عماد ضاحي فرقة هواة ، ومن بعده أسّس المرحوم فاضل عساف ، أول فرقة احترافية 1984وقدمت أعمالها في صدد ودمشق .
=========
*القناة : جرت المياه من شمال القلمون عبر قناة رومانية ، شرعها جرجس طراد شمالي صدد بعد عامين من العمل التطوعي 1942-1944، فروت أراضي بماء رقراق ، فعرفت ب،، بساتين القناة ،، واحسرتاه ..